دور الاستدامة: محرك المشروع

دور الاستدامة: محرك المشروع تعتمد معايير إدارة المشاريع العالمية على أطر عمل قائمة على العمليات، وقد تم استخدام هذا النهج لدمج الاستدامة ...

دور الاستدامة: محرك المشروع

 

دور الاستدامة: محرك المشروع المقدمة: في عالم اليوم سريع التغير، لم تعد إدارة المشاريع مجرد عملية تنفيذ مهام في إطار زمني وميزانية محددة. لقد أصبحت تتطلب رؤية أعمق وأكثر شمولية، تضع في اعتبارها الأثر طويل الأجل على البيئة والمجتمع والاقتصاد. هنا يبرز دور الاستدامة كعنصر محوري في كل مشروع، متحولاً من مجرد مفهوم ثانوي إلى قلب عملية صنع القرار. سيتناول هذا المقال التحولات في فهم دور الاستدامة، العمليات الأساسية التي تضمن تطبيقها الفعال، والمؤشرات الحاسمة لقياس نجاحها، بالإضافة إلى الفجوات البحثية التي لا تزال تتطلب المزيد من الاستكشاف في هذا المجال الحيوي.

 

دور الاستدامة في إدارة المشاريع

تختلف تفسيرات دور الاستدامة في إدارة المشاريع، لكنها تتفق على أهميتها. تُصنّف أدوار الاستدامة إلى:

  1. عائق أو قيد: قد تُعتبر الاستدامة في البداية عائقاً أمام أهداف المشروع التقليدية.
  2. أصل أو ميزة: تُدرك الاستدامة كأصل يوفر فوائد مثل تحسين السمعة وزيادة مشاركة أصحاب المصلحة.
  3. هدف أساسي للمشروع: تصبح الاستدامة هدفاً محورياً يؤثر على عملية صنع القرار طوال دورة حياة المشروع.

هذا التطور يشير إلى تحول كبير، حيث لم تعد قرارات المشروع تعتمد فقط على التكلفة والوقت والجودة، بل أصبحت تدمج الأهداف المستدامة بشكل متزايد. في المقابل، تُعد مهارات إدارة المشاريع، مثل التواصل الفعال والتخطيط الشامل والقيادة القوية، حاسمة لضمان نجاح المشاريع المستدامة.

 

عمليات إدارة المشاريع المستدامة

تعتمد معايير إدارة المشاريع العالمية على أطر عمل قائمة على العمليات، وقد تم استخدام هذا النهج لدمج الاستدامة. أبرز العمليات التي تتأثر بالاستدامة هي:

  • إدارة أصحاب المصلحة: تعزيز التواصل الشفاف والتعاون لزيادة رضا أصحاب المصلحة.
  • إدارة دورة الحياة: التركيز على إدارة النفايات وكفاءة الموارد طوال عمر المشروع.
  • التقييم: تقييمات الأثر البيئي لضمان الامتثال للوائح وتجنب المشاكل القانونية.
  • صنع القرار: دمج المعايير المستدامة في اتخاذ القرارات للحصول على خيارات أكثر مسؤولية.

ومع ذلك، تواجه هذه العمليات تحديات في تطبيق مبادئ الاستدامة، وتشمل:

  • تحديات التخطيط: صعوبة دمج أهداف الاستدامة طويلة الأجل مع مخرجات المشروع قصيرة الأجل.
  • تحديات المشروع: تعقيدات دمج الممارسات المستدامة التي قد تؤدي إلى خطوات إضافية أو تأخيرات.
  • تحديات العميل: اختلاف أولويات العميل أو عدم فهمه للاستدامة.
  • تحديات فريق المشروع: نقص المعرفة أو المهارات أو الدافع لدى الفريق.
  • تحديات العمالة: ضمان توافق ممارسات العمل مع أهداف الاستدامة.
  • تحديات خارجية متنوعة.

 

مؤشرات الاستدامة وعوامل النجاح الحاسمة

يُعد تحديد وتطبيق مؤشرات الاستدامة وعوامل النجاح الحاسمة (CSFs) أمراً ضرورياً لدمج الاستدامة في إدارة المشاريع. المؤشرات تتبع التقدم، بينما عوامل النجاح الحاسمة تمثل الشروط الأساسية لتحقيق النتائج المستدامة وتخفيف المخاطر.

تشمل أمثلة عوامل النجاح الحاسمة: السياسات البيئية، توفير الموارد، الاقتصاد والميزة التنافسية، إدارة أصحاب المصلحة (المجتمع والموظفين والموردين)، ونموذج الأعمال القائم على الابتكار المستدام. أما المؤشرات فتشمل: الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، كفاءة الطاقة، الكفاءة البيئية، التوزيع الكفء للموارد، تقرير تقييم الأثر البيئي، طرق البناء الحديثة، الأداء الاقتصادي/المالي، وإدارة التكاليف، والمحاسبة البيئية/الاقتصادية، والتعليم والتدريب البيئي.

 

نقاط الاتفاق، الخلاف، والفجوات البحثية

تتفق الدراسات على الأهمية المتزايدة لدمج الاستدامة في إدارة المشاريع، وأهمية إطار الخطوط الثلاثة الأساسية. ومع ذلك، لا تزال هناك خلافات حول التعريف الدقيق والتطبيق العملي لمبادئ الاستدامة في سياقات المشاريع المختلفة.

تشمل الفجوات البحثية الرئيسية الحاجة إلى مزيد من الأبحاث في:

  • دمج الاستدامة ضمن مجالات معرفة إدارة المشاريع غير المستكشفة بشكل كافٍ.
  • دراسة الاستدامة في سياقات وأنواع مشاريع مختلفة.
  • فحص الاستدامة عبر مراحل إدارة المشروع المختلفة (التخطيط، التنفيذ، إلخ).
  • دراسة عوامل النجاح وقياسها الفعال، وتأثير الاستدامة على النجاح الكلي للمشروع.
  • أبحاث متعمقة حول العوامل ضمن مجالات إدارة المشاريع المنفصلة.
  • أبحاث مخصصة لكل ركيزة من الخطوط الثلاثة الأساسية وتوسيعاتها.
  • فحص تأثير الاستدامة على إنتاجية فريق المشروع.
  • دراسات تجريبية للمشاريع بناءً على نظريات الاستدامة المختلفة.
  • اقتراح أطر عملية لإدارة وتحقيق التوازن بين الأهداف المستدامة وأهداف إدارة المشاريع التقليدية (التكلفة، الوقت، الجودة).
  • فحص خصائص القيادة وكفاءات مديري المشاريع في مجال التنمية المستدامة.
  • اقتراح أطر لدمج الاستدامة بشكل فعال في برامج تعليم وتدريب إدارة المشاريع.

 

منهجيات البحث المستخدمة

تعتمد المنهجية البحثية في هذا المجال على مراجعة الأدبيات المنهجية (SLR)، التي تتبع خطوات دقيقة مثل إرشادات PRISMA. تستخدم الدراسات داخل هذا المجال مجموعة متنوعة من المنهجيات، بما في ذلك مراجعات أدبية أخرى، ودراسات حالة متعددة، واستطلاعات، وتطوير أطر مفاهيمية ونماذج نضج. تساهم هذه المنهجيات في فهم متعدد الأوجه لدمج الاستدامة في إدارة المشاريع.

 

نظام نوت لإدارة المشاريع المستدامة

لتبسيط إدارة المشاريع المستدامة، يمكن استخدام نظام نوت مُصمم خصيصاً لمساعدة فرق العمل على دمج مبادئ الاستدامة بفاعلية. هذا النظام سيعمل كدليل عملي ونقطة مرجعية لمتابعة الأهداف المستدامة في كل مرحلة من مراحل المشروع.

نوت دمج الاستدامة في مراحل المشروع:

  • مرحلة التخطيط: 

    • دراسة الجدوى المستدامة: (نوت حول تحليل الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي).
    • اختيار الموردين المستدامين: (معايير الاختيار ونوت حول الموردين المعتمدين).
    • تخطيط الموارد المستدامة: (كيفية تقليل استهلاك الموارد واختيار البدائل المتجددة كنوت).
    • نوت حول التشريعات والمعايير البيئية: (القوانين المحلية والدولية ذات الصلة).
  • مرحلة التنفيذ: 

    • مراقبة استهلاك الموارد: (نوت حول القراءات اليومية/الأسبوعية لاستهلاك الطاقة والمياه والمواد).
    • إدارة النفايات: (طرق الفصل والتدوير وإعادة الاستخدام كنوت).
    • التواصل مع أصحاب المصلحة: (نوت عن اجتماعات أصحاب المصلحة، الشكاوى، والمقترحات).
    • تدريب الفريق على الممارسات المستدامة: (مواعيد الدورات التدريبية والمشاركين كنوت).
  • مرحلة المراقبة والتحكم: 

    • تقارير الأداء المستدام: (نوت حول التقارير الدورية ومؤشرات الأداء الرئيسية KPIs).
    • تقييم الأثر: (نوت عن نتائج تقييم الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي).
    • إدارة المخاطر المستدامة: (المخاطر المحتملة المتعلقة بالاستدامة وخطط التخفيف كنوت).
  • مرحلة الإغلاق: 

    • نوت الدروس المستفادة من الاستدامة: (ما الذي نجح وما الذي يمكن تحسينه).
    • التحقق من تحقيق الأهداف المستدامة: (نوت نهائية حول إنجازات الاستدامة).

 

نوت مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) للاستدامة:

  • المؤشرات البيئية: (مثل: كمية انبعاثات الكربون، كمية النفايات المحولة عن المكبات، نسبة المياه المعاد تدويرها كنوت).
  • المؤشرات الاقتصادية: (مثل: نسبة التوفير في التكاليف، عدد الوظائف المستحدثة، العائد على الاستثمار الأخضر كنوت).
  • المؤشرات الاجتماعية: (مثل: عدد ساعات تدريب الموظفين على الاستدامة، مستوى رضا المجتمع المحلي، عدد ساعات العمل الآمنة كنوت).

كيفية استخدام نظام النوت:

  • الوصول السهل: يجب أن يكون نظام النوت متاحاً لجميع أعضاء الفريق المعنيين. يمكن أن يكون ذلك عبر منصة رقمية مشتركة (مثل Notion, OneNote, Trello, أو حتى مستندات Google).
  • التحديث المنتظم: يجب تحديث النوت بانتظام لتعكس أحدث التطورات والتحديات.
  • المراجعة الدورية: ينبغي مراجعة النوت بشكل دوري (أسبوعياً/شهرياً) من قبل مدير المشروع وفريق القيادة لتقييم التقدم واتخاذ القرارات اللازمة.

 

الخاتمة

في الختام، يبرز دور الاستدامة في إدارة المشاريع كركيزة أساسية لمستقبل مشرق. لم تعد الاستدامة مجرد اعتبار إضافي، بل أصبحت عنصراً محورياً يدفع عجلة التنمية المستدامة، محققاً توازناً دقيقاً بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. إن هذا التحول يفرض على مديري المشاريع تبني منهجيات شاملة، من خلال عمليات مستدامة ومؤشرات أداء واضحة، لمواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.

 

دور الاستدامة: محرك المشروع